الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية استقالة الجبالي: الرّئاسة أم الاستنساخ؟

نشر في  26 مارس 2014  (10:36)

استقال السيد حمادي الجبالي من مسؤوليّته في حركة النهضة تاركا نقاط استفهام كبيرة في هذا الحزب.. وكان الجبالي رئيس الحكومة الأسبق والأمين العام لحركة النهضة لوّح مرارا بالاستقالة دون أن يحسم قراره!.. ويعتبر هذا الحدث السياسي أمرا جديرا بالتحليل بما أنّ الرّجل من «أيقونات» الحركة الاسلامية في تونس.
من أهمّ نقاط قوّته أنه اعترف ـ ضمنيا ـ بفشل حكومة الترويكا اثر اغتيال الشهيد شكري بلعيد فدعا إلى تشكيل حكومة كفاءات لا تخضع للمصالح الحزبيّة وقد تصدّت حركة النهضة لمشروع السيد الجبالي وأجهضته لأنّها كانت متشبّثة بالسلطة وخاصّة بوزارتي الداخلية والعدل.. وقد كان موقف الصقور في ذلك مؤثرا جدا.. ثم خلفه السيد علي لعريض في رئاسة الحكومة ولكنّه فشل فشلا ذريعا على كل المستويات.. وكان السيد الجبالي صرّح لبعض أصدقائه آنذاك انّ إزاحته من رئاسة الحكومة والتي كانت بقرار من قيادات من النهضة ومساندة من حزب المؤتمر ستكون لها عواقب سلبية على الترويكا والتوازنات السياسية، كما أكّد انّ من أزاحوه سيضعفون حزبه.. ثمّ مرّت الأيام وإذا السيد الجبالي يقابل ببرود في جلّ المناسبات والاجتماعات التي نظّمتها النّهضة في حين عمل الصّقور والجهات الساهرة على تنظيم التظاهرات على تضخيم شقّ المتصلّبين وأحسن دليل على ذلك إهانة الشيخ عبد الفتاح مورو خلال مؤتمر النهضة وإلقاء بعض الشبّان غير الواعين لخطب متشدّدة وقاسية اللهجة.
وبعد هذه المناوشات أفادت بعض المصادر ومن بينها السيد نجيب القروي انّ هناك امكانية تأسيس حزب جديد يرأسه السيد الجبالي الذي ربما ستكون له حظوظ وافرة في الانتخابات الرئاسية.. وقد تعدّ هذه الاستقالة بعد انسلاخ السد رياض الشعيبي دليلا قاطعا على وجود تجاذبات زو تيارات داخل حركة النهضة التي مرّت من «حزب سرّي» وربما انقلابي (أعدّ انقلاب 6 نوفمبر 1987) الى حزب سلطة بضمّ كل أطياف الحركة الاسلمية من متشدّدين ووسطيين وحمائم..
ولعلّ أهمّ ما أزعج السيد حمادي الجبالي انّ حزبه لم يسانده كمترشّح للانتخابات الرئاسية وترك الباب مفتوحا ـ في نطاق التكتيك وتكبيل الانتقادات  ـ  للتحالف مع مرشحين آخرين على غرار السيد نجيب الشابّي أو مرشّح حزب المؤتمر أو حتى الدكتور مصطفى بن جعفر.. انّ حركة النهضة لم تعلن عن مرشّحها حتى لا تكوّن ضدّها كتلة أو تثير ردّة فعل لدى من «أقصتهم»!
 وإلى الصّراعات على منصب رئاسة الجمهورية، لابدّ من الإشارة إلى انّ حمادي الجبالي ووزيره للداخلية علي لعريض قد فشلا على جميع المستويات وخاصّة على الصعيد الأمني فقد انتشرت الأسلحة والعنف ووقع تعيين متشدّدين على رأس الولايات كما تمّ اختراق الجهاز الأمني ونظّمت مظاهرات عنيفة دعّمت الارهاب والعنف والميليشيات الفاشية علاوة على انهيارالاقتصاد.
وأمام هذه الاستقالة ماذا يمكن ان يكون ردّ فعل حركة النهضة وخاصّة رئيسها السيد راشد الغنوشي؟ فإمّا ان يقبل مشروعية طموح  السيد حمادي الجبالي وإلاّ برزت على السّاحة «نهضات عديدة» اي مستنسخات من هذه الحركة، مع العلم  انّ السيد حمادي الجبالي سيكون أحسن مرشّح لحركة النهضة شريطة أن يتخلّى عن الخلافة السادسة وعن سياسة الصّقور المدمّرة للبلاد وأن يعي انّ أسلمة شعب مسلم خطأ وربّما جريمة!

خالد شوكات: «طموحه للرئاسة دفعه للاستقالة»

كيف يعلق الكاتب و الباحث في العلوم السياسية خالد شوكات عن استقالة حمادي الجبالي وكيف سيكون مستقبله السياسي خارج الحركة التي كان يوما رئيسها؟يقول شوكات «أعتقد أن السيد حمادي الجبالي شعر بضعف موقفه داخل الحركة،ويبدو أن النهضة وبعد مغادرتها للحكم وعودة وزرائها إلى سالف نشاطهم الحزبي أحدثت نوعا من الإرباك  وعمق ضبابية المواقع القيادية، فموقع الأمانة العامة أصبح في حد ذاته شبه فارغ باعتبار وجود موقع رئاسي فوقه يشغله الشيخ راشد الغنوشي ووجود مكتب سياسي تحته يملك رئيسا وقيادات من الوزن الثقيل، ومن جانب اخر وبحسب قرائتي لشخصية  حمادي الجبالي، يبدو أنه لم يبق أمام الرجل من دور يلعبه وورقة يناور بها إلا الطموح إلى الرئاسة ومنطلقه في ذلك تقدير سياسي بأن النهضة لن ترشح أحدا بشكل رسمي للانتخابات الرئاسية، إنما ستكتفي بدعم أحد المرشحين وإذا ما صارت الأمور كما قدّرها فأنا أعتقد أنه سيكون المرشح الأمثل الذي يمكن أن تدعمه حركة النهضة،كما أنني اجزم أن هاجسه هو قطع الطريق أمام مترشحين نهضويين، فعامل الزمن أصبح محددا إن لم أقل حاسما وفي كل الأحوال فإن النهضة في رأيي ستكون معرضة في قادم الأيام لمزيد من المفاجئات من هذا النوع وسيتحدد مصيرها بشكل حاسم بعد الانتخابات،لأنني أعتقد أن توازنات جديدة سيكون لها أثرها الحاسم على الحركة وإن يعتقد البعض أن الاستفتاء الذي ستنظمه الحركة سيحسم موعد مؤتمرهم القادم قبل الانتخابات القادمة فأنا أجزم أن النهضة لن تغامر بذلك وتفتح ربما على نفسها واجهة أخرى لا يمكنها مواجهتها الان على الأقل .


صلاح الدين الجورشي: «النهضة لن تتغير باستقالة الجبالي»

كيف يقرأ المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي استقالة حمادي الجبالي من أمانة حركة النهضة وما تأثيرها على مستقبل الحركة؟ .يقول الجورشي «من الواضح أن اختلافات بدأت تتراكم داخل حركة النهضة حول تقييم ادائها في الفترة الأخيرة خاصة بعد خروجها من الحكم، وهو ما بدأ ينعكس سلبيا على وضعها الداخلي بشكل أصبح يفرض تقييما شاملا لمسارها على المستويين السياسي والإديولوجي.ولكن الهام في كل ذلك هو أن جزءا من الذين اختلفوا مع القيادة قرروا تكوين حزب مستقل وهو ما يدل على رغبة هؤلاء في تجاوز الحركة التي بدا أنهم لا يقبلون بتوجهاتها وهو ما يدل على أن لهم رغبة عميقة في تجاوز الحركة والدخول في مغامرة كان الكثير منهم يتجنبون خوضها،حتى لا يتهمون بتشتيت الصف الإسلامي،وبالنسبة للسيد حمادي الجبالي أنا أعتقد أنه من السابق لأوانه الحكم على قراره وعلينا أن ننتظرما الذي سيقرره في قادم الأيام، وماهو الاختيار الذي سيراهن عليه ؟لكن المؤكد بأن قراره الاستقالة لم يكن سهلا عليه بل لعله حاول في مرات كثيرة تجنبه والحديث على أن عيونه الان على الرئاسة سابق لأوانه باعتبار أنه لم يفك ارتباطه نهائيا من الحركة، وحول تأثير خروج الجبالي من حركة النهضة على مستوى توجهاتها العامة في المرحلة القادمة بعد الحديث على أن قائمة المستقيلين من حركة النهضة هم من الوسطيين قال الجورشي:»يصعب إصدار مثل هذه الأحكام لسبب بسيط هو أن راشد الغنوشي هو من يمسك بالقرار داخل الحركة،وبالتالي أنا أستبعد تغييرات كبيرة للمنهج العام للحركة،وبالتالي فإنّ الحديث عن تغير في المنهج هو من قبيل المبالغة، بل أذهب بك إلى أكثر من ذلك، فقد كثر الحديث على مسألة الفصل بين الدعوي والسياسي داخل حركة النهضة، ولاحظنا أنه حتى  من داخل الحزب هناك من ينادي بضرورة الفصل بينهما ولعل المؤتمر القادم سيحسم في هذه المسألة، وعلينا أن ننتظر ذلك فقد تفاجئ الحركة بأن تحسم أمرها وتفصل بين الأمرين.


    المنصف بن مراد وعبد اللطيف العبيدي